الجمعة، سبتمبر 12، 2008

رد على شبهة المأثورات


شبهات المأثورات


1 - شبهة الجلوس في حلق لقول المأثورات .
2 - هل المأثورات داخله في حديث البخاري ومسلم .
(يسبحونك ويحمدونك ويمجدونك إلى آخر الحديثين ) .
3 - شبهة الجهر بالمأثورات في جماعة .
4 - اختيار آيات وأحاديث محددة بذاتها .
5 - المواظبة على المأثورات في أوقات محددة .
6 - الترتيب في المأثورات .
7 - عدم محاربة الإخوان للبدع .
ثمة شبهة تثار حول :
1 - حكم حلق الذكر في وقت محدد .
2 - حكم الجهر بالأذكار .
3 - حول إختيار وظيفة محددة بذاتها والمواظبة عليها .
4 - حول ترتيب الأذكار بطريقة محددة .


مما لا شك فيه أخي الحبيب أن ذكر الله عز وجل ودعائه ومناجاته بالمأثورات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع الأوقات والمناسبات هو احد الركائز الأساسية الكبرى في هذا الدين ( يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلاً ) ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) والآيات في ذلك كثيرة جداً وكذلك تحذير القرآن من المنافقين وهم الذين لا يذكون الله إلا قليلاً ( ولا يذكرون الله إلا قليلاً ) لذلك كانت وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يزال لسانك رطباً بذكر الله تعالى ودعائه صلى الله عليه وسلم ( اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) ودعائه (ولا تنسنا ذكرك) .


وللذكر فوائد عظيمة جداً وقد ذكر أكثرها الإمام القيم في كتابه ( الوابل الصيب) من ص 38حتى ص86 فأرجع إليه .


لذلك جاءت الأحاديث في فضل حلق الذكر والندب إلى ملازمتها والنهي عن مفارقتها لغير عذر كما بدأ الإمام النووي كتاب الأذكار فالمولى عز وجل يقول ( وأصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ) وقد فسر الإمام بن كثير هذه الآية بقوله : أجلس مع الذين يذكرون الله ويهللونه ويحمدونه ويسبحونه ويكبرونه ويسألونه بكرة وعشية من عباد الله .


وروي الإمام أحمد عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله تعالى لا يريدون بذلك إلا وجهه إلا نادهم منادي من السماء أن قوموا مغفوراً لكم قد بدلت سيئتكم حسنات ) . ولفضل الاجتماع على ذكر الله نسمع حديث الحبيب صلى الله عليه وسلم : (إن لله تبارك وتعالى ملائكة سيارة فضلاً يتبعون مجالس الذكر فإذا وجدوا مجلساً فيه ذكر قعدوا معهم وحف بعضهم بعضاً بأجنحتهم حتى يملئوا ما بينهم وبين السماء الدنيا فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء قال : فيسألهم الله عز وجل وهو أعلم بهم من أين جئتم ؟ فيقولون : جئنا من عند عباد لك في الأرض يسبحونك ويكبروك ويهللونك ويحمدونك ويسألونك . قال : وماذا يسألونني ؟ قالوا يسألونك جنتك . قال : وهل رأوا جنتي ؟ قالوا : لا يارب . قال : فكيف لو رأوا جنتي ؟ قالوا : ويستجيرونك . قال مما يستجيرونني ؟ قالوا : من نارك يارب . قال : وهل رأوا ناري ؟ قالوا : لا . قال : فكيف لو رأوا ناري ؟ قالوا : ويستغفرونك . قال : فيقول قد غفرت لهم فأعطيتهم ما سألوا وأجرتهم مما استجاروا قال : فيقولون رب فيهم فلان عبد خطاء إنما مر فجلس معهم . قال : فيقول وله غفرت , هم القوم لا يشقى بهم جليسهم )


1 - وفي حديث الإمام مسلم أيضاً : (لا يقعدون قوم يذكرون الله تعالى إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده ( يقول الغمام الأصفهاني في شرح هذا الحديث ( دل الحديث على فضيلة مجالس الذكر وفضيلة الاجتماع على الذكر ) .


2 - عن أبي سعيد الخدري قال : خرج النبي على حلقة في المسجد : فقال ما أجلسكم ؟ قالوا : جلسنا نذكر الله تعالى فقال : بالله ما أجلسكم إلا ذلك قالوا : والله ما أجلسنا إلا ذلك . فقال : أما غني لم أستحلفكم تهمة لكم ولكن أتاني جبريل وأخبرني أن الله تعالى يباهي بكم الملائكة . رواه مسلم .


3 - الحديث الرابع في هذا الأمر : عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن لله سيارة من الملائكة يطلبون حلق الذكر فإذا أتوا عليهم حفوا بهم ثم بعثوا برائدهم إلى رب العزة تبارك وتعالى فيقولون : ربنا أتينا على عباد من عبادك يعظمون ألاءك ويتلون كتابك ويصلون على نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ويسئلونك لآخرتهم ودنياهم فيقول تبارك وتعالى : غشوهم رحمتي فيقولن : يارب إن فيهم فلان الخطاء إنما إغتبقهم إغتباقاً . فيقول تبارك وتعالى : غشوهم رحمتي فهم القوم لا يشقي بهم جليسهم.
من هذه الأحاديث الصحيحة وغيرها الكثير نخرج بأفضلية حلق الذكر في المسجد وغير المسجد لفضلها العظيم ولعل حديث لا يقعد قوم يذكرون الله فإنه مطلق يتناول جميع المواضع سواء المسجد أو غير المسجد كما قال ذلك الإمام النووي ( هذه واحدة ) .


*** مشروعية حلق الذكر في المسجد وغير المسجد :


كما أن الأحاديث السابقة لم تخصص مجالس الذكر بالقرآن فقط أو علوم الشريعة فقط بل هي عامة في جميع أنواع الذكر وعلى ذلك فالذكر يشمل التسبيح والتحميد والتهليل والتمجيد والاستغفار والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والدعاء في أمور الدنيا والآخرة وتلاوة القرآن وتدارسهم كما ورد الحديث الأول والرابع كما في الألفاظ :


1 - يسبحونك ويكبرونك ويهللونك ويحمدونك : فيدخل تحتها جميع الصيغ الواردة عن رسول الله التي فيها مادة التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد .
2 - ومثل يستغفرونك : يدخل تحتها جميع صيغ الاستغفار من أقلها (استغفر الله) إلى دعاء الاستغفار .
3 - ومثل ويتلون كتابك : فهذه تشمل كل آيات القرآن ويدخل فيها الآيات والسور التي جاءت عن الرسول أن لها فضلاً خاصاً يزيد على الفضل العام لتلاوة الكتاب العزيز .
4 - ومثل يصلون على نبيك تدخل فيه كل الصيغ الواردة في الصلاة على رسول الله .
5 - ومثل يسألونك جنتك ويستجيرونك من نارك ويسألونك لأخرتك ودنياهم : هذه الجمل الثلاث تشمل جميع الدعوات المأثورة عن الرسول وكذلك جميع الصالحين ما دامت منضبطة على قواعد الدعاء التي وردت في الكتاب والسنة لأن الدعاء كله يدور حول الثلاثة أمور السابقة .
6 - ومثل يمجدونك : تدخل تحتها جميع الأذكار التي فيها ثناء على الله وتمجيد وتعظيم له مثل أسماءه الحسنى والصيغ الواردة الأخرى سواء من الآيات أو الأحاديث .
8 - ومثل يعظمون آلاءك : تدخل تحتها كل الصيغ سواء آيات أو أحاديث مثل صيغة (اللهم إني أصبحت منك في نعمة وعافية وستر فأتم نعمتك علي وعافيتك وسترك في الدنيا والآخرة ) وقد قال الإمام ابن حجر في كتابه فتح الباري ( المراد بمجالس الذكر الواردة في الأحاديث السابقة ما اشتمل على تسبيح وتكبير وغيرها وعلى تلاوة كتاب الله وعلى الدعاء بخير الدنيا والآخرة ) .


وبعد أخي الحبيب وبعد عرضنا للنقاط السبع السابقة فإنك لا تجد الأذكار أو المأثورات التي يتلوها أفراد الإخوان تخرج عن هذه النقاط السابقة في أحاديث الذكر الواردة (هذه ثانية ) .
غير إني أشير إلى شيء أن بعض العلماء صرفوا أحاديث الذكر هذه إلى مجالس العلم لما يجدونه من مجالس الذكر الصوفية وما فيها من أخطاء وانحراف عن منهج الدين وبدع مضلة .


** ولكن هل يجوز الجهر بالذكر في جماعة ؟ وهل الذكر الجماعي بدعة ؟
1 - روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يقول الله تعالى : أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه , إذا ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي , وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه , والشاهد في هذا الحديث الشطر الأخير من الحديث بمعنى إذا ذكرني في جماعة جهراً بحيث يسمعون ذكره تبارك وتعالى كان ثوابه أن يذكره الله تعالى هناك في الملأ الأعلى وهم الملائكة .
وهذا الحديث ذكره الأئمة الذين يجمعون الأحاديث الخاصة بالذكر في كتبهم كما أن الأحاديث التي وردت قبل في غشيان الرحمة ونزول السكينة في قراءة القرآن لابد أن يجهر فيها بقراءة كتاب الله وهم في حلقة .
2 - روى أبو داود الترمذي وابن ماجة عن ابن عمر قال : كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس واحد مائة مرة ( رب اغفر لي وتب علي إنك انت التواب الرحيم ) قال الترمذي حديث صحيح فها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر بالاستغفار وهو في مجلس أصحابه ويظل يجهر طوال المجلس حتى يفرغ من المائة وقد يقول قائل إنه كان يجهر حتى يحفظ الصحابة والرد على ذلك أن الصيغة سهلة ويمكن حفظها من مرة أو مرتين أو ثلاثة وأيضاً الصحابة الذين كانوا يعدون فمن غير المعقول أن الرسول يستغفر وهم أحوج منه ولا يستغفرون فلابد أن يشاركوه الاستغفار كما أن العد يتعارض مع الفعل كما يتضح من أسلوب الحديث أن هذا كان يحدث كثيراً فهو لم يحدث مرة أو مرتين وانتهى الأمر بل مرات عديدة كثيرة فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم .
3 - روى الترمذي عن عبد الله بن عمر قال : فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه , اللهم أقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا وأجعله الوارث منا وأجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادنا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يحرمنا ) قال الترمذي حديث حسن .
الحديث يدل بلا ريب على مواظبة الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا الدعاء في كل مجالسه إلا قليلاً وأنه صلى الله عليه وسلم كان يجهر دائماً وإلا ما سمعه عبد الله في كل مرة ولهذا وضع الإمام النووي هذا الحديث في باب دعاء المجالس في جمع لنفسه ومن بعده .
4 - الحديث الذي أخرجه السبعة عن عبد الله بن عباس قال : (إن رفع الصوت بالذكر حيث ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ) ولا شك أيضاً أنه كان رفعاً مناسباً ومعقولاً حتى لا يحدث تشويش على المصلين ولم يقل أحد الصحابة المعاصرين المشاهدين خبراً بنسخه أو تأويله .
وبعد أخي الحبيب ألا ترى أن هذه الأحاديث الصحيحة كافية تماماً في مشروعية الجهر بالذكر في جماعة (وهذه الثالثة ) .


ولكن كيف نوفق بين أحاديث الجهر بالذكر وورد آيات تأمر بخفض الصوت في الدعاء مثل قوله (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية) وقوله ( واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول ) وقوله ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً) وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( أيها الناس ابقوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصماً ولا غائباً إن الذي تدعونه سميع قريب وهو معكم ) رواه البخاري .


بعض تفسير آيات خفض الصوت :


1 - نبدأ بتفسير قول الله تعالى : ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً ) جاء في تفسير هذه الآية ما رواه الإمام أحمد والشيخان عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية ورسول الله صلى الله عليه وسلم مقيم بمكة ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال : كان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فلما سمع ذلك المشركون سبوا القرآن وسبوا من أنزله ومن جاء به قال : فقال الله تعالى لنبيه ( ولا تجهر بصلاتك ) أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن ( ولا تخافت بها ) عن أحبائك فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوه عنك وهناك زيادة رواها الضحاك عن بن عباس نفسه قال : (فلما هاجر إلى المدينة سقط ذلك ) .
2 - أما قوله عز وجل : ( واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول ) (الأعراف 205) ذكر بن كثير ( اذكر ربك في نفسك رغبة ورهبة وبالقول لا جهراً ) ولهذا قال الله تعالى : (ودون الجهر من القول ) ثم يقول مبيناً هذا المعنى بعبارة أكثر وضوحاً ( هكذا يستحب أن يكون الذكر لا يكون نداءً ولا جهراً ) فأنت ترى أن الأمر على سبيل الاستحباب ولا يكون الذكر رفع الصوت عالياً بشدة .
3 - أما قوله (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية ) قيل يكره رفع الصوت والنداء والصياح في الدعاء ويؤمر بالتضرع والاستكانة وقال بن عباس : ولو لاحظنا حياة المسلم الذاكر لله ووازنا بين نسبة إسرارهم بالأذكار والدعوات في الصلاة وخارج الصلاة في سائر الأوقات وبين الجهر بها وجدنا أن الغالب فعلاً هو الإسرار وهذا هو المطلوب نأتي الآن إلى الحديث في صحيح الإمام مسلم عن أبي موسى الأشعري قال ( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فجعل الناس يجهرون بالتكبير فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( أيها الناس ابقوا على أنفسكم , إنكم لا تدعون أصماً ولا غائباً إنكم تدعون سميعاً قريباً وهو معكم) قال أبو موسى وأنا خلفه وأنا أقول ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) فقال : (يا عبد الله بن قيس ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة ؟ فلت بلى يا رسول الله قال : (قل : لا حول ولا قوة إلا بالله) .
1 - الظاهر من الحديث أنه كان في سفر والظاهر أنه حدث مرة واحدة .
2 - فسر الإمام النووي الحديث بالنهي عن المبالغة في رفع الصوت بالتكبير ونحوه .
3 - أربعوا على أنفسكم معناها : (أرفقوا بها وأمسكوا عن الجهر الذي يضركم ) ولا يؤمر إنسان أو ينصح بهذا إلا إذا علا صوته بشدة يخشى عليه منها الضرر على نفسه .
4 - قوله صلى الله عليه وسلم ( إنكم لا تدعون أصماً ولا غائباً ) الإنسان ينادي أصماً فإنه رفع صوته عالياً جداً بدرجة فزعه حتى يسمعه وأيضاً عندما تنادي إنساناً بعيداً عنك فأنت ترفع صوتك بقوة شديدة حتى يصل النداء إليه عكس وذلك عندما يكون الشخص قريب فيكون الصوت أقل وهو المقصود من الحديث ولذلك اتبع الرسول الجملة السابقة بقوله : (إن الذي تدعونه سميع قريب ) أي لا داعي لرفع الصوت بشدة فإن الله قريب .
5 - كما أن في قول أبي موسى خلف الرسول ( لا حول ولا قوة إلا بالله) . من الواضح أنه كان يردده بصوت سمعه الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أنه كان صوته خفيضاً رقيقاً فيه نسبة من الجهر المشروع على عكس مبالغة الناس الآخرين في الجهر بالدعاء والذكر لذا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد سمعه وهو يقولها فأخبره بفائدتها وبشره بثوابها ولم ينكر عليه الرفع والجهر كما أنكر على الآخرين الفرق الجلي بين رفع ورفع , وعلى هذا أخي الحبيب يتضح لك عدم معارضة الجهر بالذكر مع هذه الآيات والأحاديث إذا كان الجهر بسيطاً ولا يؤدي إلى التشويش على أحد من المصلين هذا فضلاً أنه يجب على الداعية أن يكون له الذكر الكثير والدعاء الواسع لله سراً بينه وبين الله وهذا هو الأساس إذ أن المرات التي يجهر فيها بالذكر هي مرات قليلة بالطبع هذا مع وجوب الجهر بالذكر إذا كان ذلك لتعليم من لا يعلم .


وقد يقول قائل إن هذه المأثورات وإن كانت وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلماذا اختيرت بعض الأذكار وإيثارها على البعض الأخر .


نقول بعون الله : إن هذه الأذكار مائدة ربانية شهية بسط عليها رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم غذاء القلوب والأرواح ولم يلزمنا الحبيب صلى الله عليه وسلم بها كلها ولا بقدر منها إنما تركها كل يأخذ حسب قدرته وحسب استطاعته إذ لا مانع شرعاً في أن يأخذ ما شاء ويستبدل ما شاء وإن كان الأولى أن يواظب على الشيء ويداوم عليه , ولنذكر في هذا المقام قصة الأنصاري الذي كان يؤم الناس ( روى البخاري عن أنس بن مالك قال : كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء وكان كلما صلى بهم افتتح بـ (قل هو الله أحد ) حتى يفرغ منها ثم يقرا بسورة أخرى معها وكان يصنع ذلك في كل ركعة فكلمه الصحابة فقالوا : (إنك تفتتح بهذه السورة ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بأخرى فإما أن تقرأ بها , وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى ) فقال : ما أنا بتاركها إن أحببتم أن أؤمكم بذل فعلت وإن كرهتم تركتكم وكانوا يرون انه من أفضلهم وكرهوا أن يؤمهم غيره فلما أتى النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر فقال : يا فلان ما منعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك ؟ وما يحملك على لزوم هذه السورة ؟ فقال ( إني أحبها ) فقال صلى الله عليه وسلم : (حبك إياها أدخلك الجنة ) وبعد أخي الحبيب فهذا الحديث واضح جداً فيي شرعية اختصاصك لذكر سورة محددة ولا يعد ذلك هجراناً لغيره من الآيات أو الذكر وبديهي أنه إن كان هذا جائز في كلام الله عز وجل فهو أولى جوازاً في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم (فهذه الرابعة ) .


* وقد يقول قائل أليست المواظبة عليها بدعة ؟


نقول إن المحافظة على العمل والملازمة له نهج أصيل من مناهج التربية الإسلامية وقال صلى الله عليه وسلم : (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل ) يقول البخاري (كان أحب الدين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما داوم صاحبه عليه ) وفي هذا يقول الإمام النووي (ينبغي لمن كان له وظيفة من الذكر في وقت من ليل أو نهار أو عقب صلاة أو حال من الأحوال ففاتته أن يتداركها ويأتي بها إذا تمكن منها ولا يهملنا فإنه إذا اعتاد الملازمة عليها لم يعرضها للتفويت وإذا تساهل في قضائها سهل عليه تضييعها في وقتها وهو يستدل على ذلك الحديث الذي يرويه الإمام مسلم (من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنه قرأه من الليل ونحن عندنا أحاديث كثيرة كان يوصى بها الحبيب صلى الله عليه وسلم بها ربما صباحاً ومساءً في اليوم الواحد وكذلك الآيات مثل ( قل هو الله أحد و والمعوذتين , واستغفار مائة مرة وحديث سيد الاستغفار ) وغير ذلك كثير لا يتسع المقام لذكره وتفصيله وبعد ذلك ألا ترى مشروعية المداومة على أذكار محددة في أوقات محددة (وهذه الخامسة ) .


أما عن آخر الشبهات فقد يقول قائل ما شرعية ترتيب الأذكار على هذا النحو في المأثورات؟


ونقول أخي الحبيب أنه لا يعدوا أن يكون عملية جمع وضبط وتنظيم لهذه الصيغ حتى لا ينسى أو يغفل عن شيء منها وحتى يعين ذلك على التدبر والتذكر وعدم تشتيت الذهن في استحضار الذكر مع العلم أن هذا الترتيب ليس سنة ونعلم أنه لم يقصد به تحصيل قربة زائدة على أصل العبادة بل إن كل من هذه الصيغ مستقلة عن الأخرى وعلى هذا إذا كان الأخ يؤدي المأثورات منفرداً فله أن يقدم دعاء على الآخر ويؤخر واحداً عن الآخر حتى لا يصبح هذا الترتيب سنة أما إذا كان ذلك التغيير في الترتيب يؤدي إلى اضطراب في الذكر الجماعي الذي خلصنا إلى مشروعيته فلهم أن يلتزموا بترتيب موحد قدر الإمكان وذلك تيسيراً عليهم وتوحيداً لكلمتهم ودفعاً لأي ثغرة . والله الموفق والهادي إلى الخير .

هناك تعليق واحد:

mastaraikon يقول...

بارك الله فيك يا اخي وجعله في ميزان حسناتك مضاعفا ان شاء الله
اخوك مجدي من الفيوم
http://zer0.forumotion.com/forum.htm